الأربعاء 27 مايو 2020 05:01 صباحاً
نافذة على العالم - يبدو مصطلح الانهيار التكتيكي لمليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر في الغرب الليبي دقيقا إلى حد ما، إذا ما أعيد ربط حلقات السلسلة المتوالية لتقدّم قوات حكومة الوفاق وتشكيلات الثوار المساندة لها، واستعادتهما عدة مناطق من قوات حفتر، بدءا من المدن الساحلية على طول الطريق الواصل بين طرابلس والحدود التونسية، وصولا إلى قاعدة الوطية التي تعد من القواعد اللوجستية البارزة في الغرب الليبي، والتي كانت تغطي عسكريا كامل العاصمة طرابلس ومحيطها الجنوبي الغربي. يبدو أن حفتر وداعميه اتخذوا خطوة الانهيار التكتيكي، منعا للانهيار الشامل لمليشياته في المناطق التي سيطر عليها منذ إعلانه بدء معركة طرابلس في إبريل/ نيسان 2019. لذا قد يكون مفيدا ذكر نقاطٍ لا بد من التوقف عندها:
كل المناطق والمدن التي سيطرت عليها قوات الوفاق والثوار، أخيرا، كانت تحت سيطرتها وخسرتها في هجوم حفتر على العاصمة، و"بعض هذه المدن دخلها حفتر من دون قتال بصفقة مع أعيانها". وبالتالي علينا أن لا نعتبر هذا "نصرا استراتيجيا" على الرغم من أهميته، باعتباره استعادة ما تمت خسارته، مع عدم التقليل من تحرير قاعدة الوطية التي كانت خارج سيطرة "الوفاق".
كما أن انسحاب مرتزقة من قوات فاغنر (الروسية) من خطوط القتال الأولى، ومغادرتهم مقرّاتها في مدينة بني وليد خصوصا، (إذ تفيد مصادر محلية عن مغادرة أكثر من 1500 مرتزق برّا "غير مسموح لأيّ طرفٍ في ليبيا بالحسم العسكري والحل السياسي هو المخرج" وجوا، حيث وصلت سبع طائرات شحن إلى مطار المدينة لنقلهم)، أمر يأتي في سياق الانهيار التكتيكي لقوات حفتر، فالأنباء تفيد بأن هؤلاء المرتزقة انسحبوا إلى قاعدة الجفرة الاستراتيجية في الجنوب الليبي، والتي شكلت قاعدة رئيسية للإمداد والدعم ونقل المقاتلين والعتاد من الشرق الليبي، حيث مقر قيادة قوات حفتر "ومرتزقة من السودان وتشاد" إلى الوسط والغرب، حيث وصلت مليشياته. وبالتالي يبدو أن إعادة التموضع تأتي في محاولة للحفاظ على بقاء القاعدة تحت سيطرة قوات حفتر، وربما ستكون الوجهة الأخيرة لهؤلاء المرتزقة الشرق الليبي، حيث مركز حفتر، وتناط بهم مهام حماية المنطقة، خصوصا إذا ذهب حفتر وداعموه إلى قفزة سياسية بإعلان شكل من أشكال الحكم أو الإدارة الذاتية هناك.
في هذا التوقيت يظهر قائد قوات التقدم السريع ونائب رئيس مجلس السيادة في السودان، حميدتي، في لقاء إعلامي محلي، لينفي أي وجود لعناصر قواته في ليبيا، ويتهم من يصفهم بالمرتزقة بأنهم يروّجون ذلك بغرض "شيطنة" تلك القوات، ثم يكشف عن قيامه بوساطة لحل النزاع في ليبيا، قبلتها حكومة الوفاق ورفضها حفتر، نافيا أي علاقة له مع الأخير. .. ويجب أن توضع تصريحات حميدتي هذه في سياق الانهيار التكتيكي لقوات حفتر، ومحاولة تنصّل المنتفعين الإقليميين الصغار من أي علاقة لهم معه. ولكن من المهم وضعها أيضا في سياق التحرّكات والتدافعات الإقليمية والدولية، وخصوصا للمحور الداعم لحفتر، فقد أراد حميدتي إيصال عدة رسائل إلى أطراف محلية وإقليمية، وربما هذا مؤشر على وجود خلافٍ ما مع المحور الإقليمي الداعم لحفتر، وقد يكون ابتزازا أيضا للمحور نفسه ومواليه من العسكريين السودانيين، خصوصا عندما يقول إنه لا مشكلة له مع قطر. وهنا يستشفّ من حديثه في السياق نفسه أنه يحاول التمايز عن التبعية لأبوظبي وعبد الفتاح السيسي، والتقدم خطوة استباقية ليبرئ نفسه وقواته من التورّط في ليبيا، خصوصا مع انهيار قوات حفتر، وليمايز نفسه عن الآخرين في الأزمة الإقليمية الخليجية.
ما علاقة ما يحصل في الخليج بما يحصل في ليبيا؟ لطالما اعتقدوا في أبوظبي ومعهم السيسي، "إعادة التموضع تأتي في محاولة للحفاظ على بقاء القاعدة تحت سيطرة قوات حفتر"ومن خلفهم السعودية، أن الساحة الليبية هي أسهل ساحة لتحقيق نصر ما على قطر التي تدعم حكومة الوفاق، ولديها حلفاء سياسيون وعسكريون، وعلى صلات مع وجهاء في الغرب الليبي، خصوصا طرابلس ومصراتة، وهي لم تخف دعمها لهم طوال سنوات قتالهم حفتر. .. إذاً، هل تأتي تصريحات حميدتي هذه لتؤشر إلى بداية تغيير التحالفات الإقليمية لقادة داخل القيادة العسكرية السودانية؟ علينا الانتظار للحكم على ذلك، ولو أن تاريخ حميدتي يشي بتقلباته وأولوية مبدأ المصلحة الخاصة على قيم الولاء والوفاء.
بالعودة إلى سير العمليات في الداخل الليبي، أمام قوات حكومة الوفاق فرصة كبيرة لتعزيز تقدّمها وإبعاد مليشيات حفتر عن كامل المنطقتين، الغربية والوسطى. ومن خلال المعطيات، يبدو أن الخطوة الاستراتيجية المقبلة لـ"الوفاق" تحرير قاعدة الجفرة، المركزية في انطلاق عمليات حفتر في الغرب والوسط، بينما تبقى مسألة تحرير مدينة ترهونة مسألة وقت، إذ تجري مفاوضات لدخولها لتجنيب أهلها الدم والاقتتال. وتتطلع قوات "الوفاق" والثوار إلى التحرّك نحو سرت في الخطوة المقبلة بعد ترهونة. وربما ستكون الظروف مواتيةً لجماعة إبراهيم الجضران والعقيد المهدي البرغثي (وزير الدفاع السابق في حكومة الوفاق)، وبالتعاون مع مجلس شورى ثوار بنغازي، وكتائب المساندة، للقيام بعملية مباغتة لطرد قوات حفتر من منطقة الهلال النفطي، وستكون هذه ضربة موجعة واستراتيجية في الصراع. وتتوقف إمكانية تحقق هذا السيناريو الميداني على مدى قدرة حكومة الوفاق على مقاومة الضغوط الدولية التي ستُمارس عليها لوقف عملياتها والعودة إلى طاولة المفاوضات التي لن يستطيع حفتر مغادرتها مجدّدا إذا ما استطاع إيجاد كرسي له عليها إذا انعقدت. وعلينا التسليم بأنه غير مسموح لأيّ طرفٍ في ليبيا بالحسم العسكري، والحل السياسي هو المخرج من الأزمة، ويبقى ذلك كله رهينة تبدّل العوامل الدولية والإقليمية من الصراع الليبي.
كما أن انسحاب مرتزقة من قوات فاغنر (الروسية) من خطوط القتال الأولى، ومغادرتهم مقرّاتها في مدينة بني وليد خصوصا، (إذ تفيد مصادر محلية عن مغادرة أكثر من 1500 مرتزق برّا "غير مسموح لأيّ طرفٍ في ليبيا بالحسم العسكري والحل السياسي هو المخرج" وجوا، حيث وصلت سبع طائرات شحن إلى مطار المدينة لنقلهم)، أمر يأتي في سياق الانهيار التكتيكي لقوات حفتر، فالأنباء تفيد بأن هؤلاء المرتزقة انسحبوا إلى قاعدة الجفرة الاستراتيجية في الجنوب الليبي، والتي شكلت قاعدة رئيسية للإمداد والدعم ونقل المقاتلين والعتاد من الشرق الليبي، حيث مقر قيادة قوات حفتر "ومرتزقة من السودان وتشاد" إلى الوسط والغرب، حيث وصلت مليشياته. وبالتالي يبدو أن إعادة التموضع تأتي في محاولة للحفاظ على بقاء القاعدة تحت سيطرة قوات حفتر، وربما ستكون الوجهة الأخيرة لهؤلاء المرتزقة الشرق الليبي، حيث مركز حفتر، وتناط بهم مهام حماية المنطقة، خصوصا إذا ذهب حفتر وداعموه إلى قفزة سياسية بإعلان شكل من أشكال الحكم أو الإدارة الذاتية هناك.
في هذا التوقيت يظهر قائد قوات التقدم السريع ونائب رئيس مجلس السيادة في السودان، حميدتي، في لقاء إعلامي محلي، لينفي أي وجود لعناصر قواته في ليبيا، ويتهم من يصفهم بالمرتزقة بأنهم يروّجون ذلك بغرض "شيطنة" تلك القوات، ثم يكشف عن قيامه بوساطة لحل النزاع في ليبيا، قبلتها حكومة الوفاق ورفضها حفتر، نافيا أي علاقة له مع الأخير. .. ويجب أن توضع تصريحات حميدتي هذه في سياق الانهيار التكتيكي لقوات حفتر، ومحاولة تنصّل المنتفعين الإقليميين الصغار من أي علاقة لهم معه. ولكن من المهم وضعها أيضا في سياق التحرّكات والتدافعات الإقليمية والدولية، وخصوصا للمحور الداعم لحفتر، فقد أراد حميدتي إيصال عدة رسائل إلى أطراف محلية وإقليمية، وربما هذا مؤشر على وجود خلافٍ ما مع المحور الإقليمي الداعم لحفتر، وقد يكون ابتزازا أيضا للمحور نفسه ومواليه من العسكريين السودانيين، خصوصا عندما يقول إنه لا مشكلة له مع قطر. وهنا يستشفّ من حديثه في السياق نفسه أنه يحاول التمايز عن التبعية لأبوظبي وعبد الفتاح السيسي، والتقدم خطوة استباقية ليبرئ نفسه وقواته من التورّط في ليبيا، خصوصا مع انهيار قوات حفتر، وليمايز نفسه عن الآخرين في الأزمة الإقليمية الخليجية.
ما علاقة ما يحصل في الخليج بما يحصل في ليبيا؟ لطالما اعتقدوا في أبوظبي ومعهم السيسي، "إعادة التموضع تأتي في محاولة للحفاظ على بقاء القاعدة تحت سيطرة قوات حفتر"ومن خلفهم السعودية، أن الساحة الليبية هي أسهل ساحة لتحقيق نصر ما على قطر التي تدعم حكومة الوفاق، ولديها حلفاء سياسيون وعسكريون، وعلى صلات مع وجهاء في الغرب الليبي، خصوصا طرابلس ومصراتة، وهي لم تخف دعمها لهم طوال سنوات قتالهم حفتر. .. إذاً، هل تأتي تصريحات حميدتي هذه لتؤشر إلى بداية تغيير التحالفات الإقليمية لقادة داخل القيادة العسكرية السودانية؟ علينا الانتظار للحكم على ذلك، ولو أن تاريخ حميدتي يشي بتقلباته وأولوية مبدأ المصلحة الخاصة على قيم الولاء والوفاء.
بالعودة إلى سير العمليات في الداخل الليبي، أمام قوات حكومة الوفاق فرصة كبيرة لتعزيز تقدّمها وإبعاد مليشيات حفتر عن كامل المنطقتين، الغربية والوسطى. ومن خلال المعطيات، يبدو أن الخطوة الاستراتيجية المقبلة لـ"الوفاق" تحرير قاعدة الجفرة، المركزية في انطلاق عمليات حفتر في الغرب والوسط، بينما تبقى مسألة تحرير مدينة ترهونة مسألة وقت، إذ تجري مفاوضات لدخولها لتجنيب أهلها الدم والاقتتال. وتتطلع قوات "الوفاق" والثوار إلى التحرّك نحو سرت في الخطوة المقبلة بعد ترهونة. وربما ستكون الظروف مواتيةً لجماعة إبراهيم الجضران والعقيد المهدي البرغثي (وزير الدفاع السابق في حكومة الوفاق)، وبالتعاون مع مجلس شورى ثوار بنغازي، وكتائب المساندة، للقيام بعملية مباغتة لطرد قوات حفتر من منطقة الهلال النفطي، وستكون هذه ضربة موجعة واستراتيجية في الصراع. وتتوقف إمكانية تحقق هذا السيناريو الميداني على مدى قدرة حكومة الوفاق على مقاومة الضغوط الدولية التي ستُمارس عليها لوقف عملياتها والعودة إلى طاولة المفاوضات التي لن يستطيع حفتر مغادرتها مجدّدا إذا ما استطاع إيجاد كرسي له عليها إذا انعقدت. وعلينا التسليم بأنه غير مسموح لأيّ طرفٍ في ليبيا بالحسم العسكري، والحل السياسي هو المخرج من الأزمة، ويبقى ذلك كله رهينة تبدّل العوامل الدولية والإقليمية من الصراع الليبي.